علينا ان نفهم ليست الكتل الشيعية وحدها من تعيش خلافا بينيا، فالأكراد ليسوا أفضل حالا، بحسب قول الصحفي الكردي من مدينة السليمانية “سيروان مصطفى” الذي قال “كل الكتل الكردية وخاصة الحزبين الرئيسيين وهما الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني، يسعون إلى دخول تشكيلة الحكومة المقبلة والظفر بمناصب في بغداد”.
“إيران تدفع الكتل الموالية لها باتجاه تقديم تنازلات للكتل الأخرى في سبيل جذبها للتحالف مع الكتل التي تدعمها”
ويضيف “مصطفى”، أن البيت الكردي لم يعد متوحدا كما كان من قبل، وأن الأزمة الأخيرة التي عاشها الإقليم في استعادة الحكومة المركزية لكركوك، عمقت الخلافات بين الحزبين الرئيسيين، ويرى “مصطفى” في حديثه أن كلا الحزبين الرئيسيين يسعى لدخول الحكومة بأي ثمن كان، وأن كلاهما يتفاوض مع الكتل الأخرى في بغداد بشكل منفرد، ومن دون أي مراعاة لمصلحة الطرف الآخر، بحسب قوله
ما الدور الإقليمي والدولي في الحكومة المقبلة؟
لم تشكل أي حكومة في العراق منذ الغزو الأمريكي عام 2003، إلا بعد مخاض عسير وتدخلات إقليمية ودولية، ويقول الباحث السياسي العراقي في شؤون الشرق الأوسط “عبد الرحمن الراشدي”: إن الحكومات التي تشكلت تباعا منذ عام 2003، لم تشكل إلا بعد مخاض كبير وشاق، وتدخلات إقليمية واضحة للعيان وخاصة من إيران.
ويضيف في حديثه إن جميع الكتل السياسية في العراق تعلم أن لإيران اليد الطولى في تشكيل الحكومات، مشيرا إلى أن إيران كانت هي العرّاب في تشكيل كتلة التحالف الوطني البرلمانية خلال الدورات البرلمانية السابقة.
“الولايات المتحدة تراقب عن كثب ما يجري خلف كواليس الاجتماعات التشاورية لمختلف الكتل السياسية”
وعن الحكومة المزمع تشكيلها في البلاد بعد الانتخابات الأخيرة، أوضح “الراشدي” أن التأثير الإيراني لا يزال كبيرا، لكن ليس كما كان عليه الحال من قبل، وأن إيران الآن تعمل بجد في محاولة منها لجمع الكتل التي يتزعمها “هادي العامري” و”نوري المالكي” و”عمار الحكيم” في كتلة واحدة، إضافة إلى كتل أخرى أصغر لتشكيل الكتلة النيابية الأكبر في البرلمان لتشكيل الحكومة. حسب قوله
اذن علينا ان نعرف إيران تدفع الكتل الشيعية الموالية لها باتجاه تقديم تنازلات للكتل الأخرى في سبيل جذبها للتحالف مع الكتل التي تدعمها، ومن بينها أن إيران دعمت وتدعم توجه المالكي والعامري باتجاه تقديم تنازلات للأكراد فيما يخص المناطق المتنازع عليها والميزانية في سبيل جذب الأكراد للتحالف معهم، لكن لم يتضح بعد فيما إذا كانت مساعي إيران ستلاقي نجاحا أم لا”.
من جهة أخرى وفي السياق ذاته، لا يقف الدور الخارجي في تشكيل الحكومة على إيران فحسب، فعراب السياسية الدولية المتمثل بالولايات المتحدة الأمريكية له دور في تشكيل حكومات ما بعد 2003، وفي هذا الصدد إن الدور الأمريكي في تشكيل الحكومة المقبلة لم يتضح بعد، إلى أن الولايات المتحدة تراقب عن كثب ما يجري خلف كواليس الاجتماعات التشاورية لمختلف الكتل السياسية، وتولي اهتماما كبيرا بالتصريحات التي تخرج عن زعيم كتلة سائرون “مقتدى الصدر”.
ونرجع هنا الى عام 2010 اتفقت مصالح الولايات المتحدة وإيران في تولي المالكي الدورة الثانية لرئاسة الوزراء، وفي عام 2014 أصرت الولايات المتحدة على خروج المالكي وجاءت بالعبادي المقرب منها أكثر، وفي هذا العام 2018 ستعمل الولايات المتحدة على تنصيب من هو أكثر بعدا عن إيران”،
وإن الولايات المتحدة لديها خيوط كثيرة تستطيع اللعب من خلالها في الضغط في تشكيل حكومة تراعي مصالح واشنطن في العراق.