العبـادي آكـل الطعـم...
وجدت قيادة الدعوة حلاً مناسباً للأزمة بين المالكي والعبادي، عندما أبعدت حزب الدعوة من المشاركة الانتخابية، مع ترك الحرية للدعاة في المشاركة.
وكانت هذه الخطوة هي الحل الأفضل، لمنع انشقاق الحزب، ولإبعاده عن النزاع الحاد بين الرجلين المالكي والعبادي وتمسك كل منهما بالرقم (١) في القائمة الانتخابية.
ومع أن هذا القرار كان لصالح العبادي، إلا أنه لم يحسن التصرف في استثماره. فبعد ساعات قليلة من اتخاذه، بادر الى التحالف مع خليط غريب من الكيانات والأشخاص، ستكون هي المستفيدة الأولى على حساب أشخاص كفوئين يمكن أن ينضموا الى قائمته.
ووقع العبادي في خطأ كبير عندما وافق على انضمام كيانات كان يقول عنها سابقا لايجوز ان تدخل في العملية السياسية ومنها متورطه بفساد مالي واخلاقي حيث أتاح لها فرصة جني الأصوات، مع عدم وجود ضامن لسيطرته عليها بعد الانتخابات، بمعنى أنها في حال فوزها، فان من السهولة عليها ان تتركه وتتحالف مع غيره بحسب مصالحها الخاصة.
ووجود هكذا اشخاص يستهجنهم الناخب العراقي لفسادهم الذي يتعامل معه الشارع العراقي على أنه حقيقة ثابتة غير قابلة للنقاش، سيجعل الناخب ينظر الى العبادي على أنه باحث عن مكسب سلطوي، وأن شعاراته وخطاباته في محاربة الفساد ما هي إلا كلمات دعائية لا تعكس رغبة صادقة في محاربة الفساد، وللمواطن الحق في ذلك،
وأغلب الظن، أن العبادي أخذته فورة حماس غير مدروسة، وتصوّر مع نفسه أنه سيكون البطل السياسي الذي يحتوي أكبر مساحة ممكنة من السياسيين. لكنه لم يفرق بين الكم الفاسد وبين النوع النظيف، رغم صعوبة اطلاق هذه الصفة (النظافة) على المشاركين في العملية السياسية.
بهذا الشكل من التحالفات التي عقدها العبادي، يكون قد ألقى تحية الوداع على مشروعه في محاربة الفساد. لقد ودّعه قبل أن يباشر به، والأسوأ من ذلك أنه سيكون مضطراً لحماية الفاسدين فيما لو اتيحت له الفرصة لولاية ثانية.
. ويبدو أن تجربة السنوات الأربع، الماضية لم يميز بها من هو الصالح عن الطالح ،، ولاكن هذا هو حال التشبث بالسلطة من خلال الاستعانة بالفاسدين.. تجربة سيئة مريرة أخرى تضاف الى العملية السياسية، ويدفع ثمنها العراقي المغلوب على أمره. وفي نفس الوقت لم يدرك انه ابتعد كثيرا علئ برنامجه ووعوده بالتغير ومحاربه الفاسدين وانهاء المحاصصة المقيته والتخندق الطائفي وشعارته العابرة للطائفية وانه يسعئ لحكومة الكفائات والتكنوقراط ونسي ايضا موقف بعض من تحالف معهم بانهم يضمرون له المكيده والثار من شخصه ومافعله سابقا وكيف تم توليه منصب رئيس الوزراء ويعرف ايضا عدم ارتياح وانزعاج جهات وشخصيات بدوره الاقليمي والدولي وماحصده من شعبيه وفي اي خانه وضعوه
وهنا تم استدراجه الئ تحالف كان كثيرا ماينتقد بعض السياسين فيه ويتكلم عن كثير من سلبيات بعض الشخوص ونزاهتهم وكانو السبب في تعطيل مشروعه التنموي وهم من سوف يحاربهم لفسادهم وسرقاتهم وافعالهم ولايسعنا الان ذكر اسمائهم في هذا التحالف،، وهنا قد وضعوه في هذا الموقف من اراد ان يضعه بهذا الاحراج،، كيف تتحالف مع من تنتقده وتتهمه بفساد
وهذا هو الحدث الأغرب في العملية السياسية، حين تم الإعلان عن تحالف نصر العراق بتجمع كبير من الكيانات والأشخاص، ثم انفرط بعد ساعات من إعلانه، وكانت التبريرات واهية غير مقنعة، بل أنها تشكل ادانة لهم، لأنها كشفت أنهم يتحالفون ويختلفون، ويقررون ثم يتراجعون من دون رؤية واضحة للخطوة الواحدة.
اتفاق الساعات القليلة، يعكس عقلية القادة الذين يتولون أمر العملية السياسية، ويتحكمون بأصوات الناخب العراقي. فهم يتحالفون تحت دافع المزاج وانفعال اللحظة، وبنفس هذين العاملين يبتعدون عن بعضهم، وهذا يعني أن الاتفاقات لا قيمة لها ولا ضامن لبقائها.
عندما تطول المفاوضات في كل شأن من شؤون الدولة، فالسبب وراء ذلك، هذا التحول المستمر في المواقف من اليمين الى اليسار، من القبول الى الرفض، من الصداقة الى العداء.
والأهم من ذلك، ان ما حدث يوم الأحد ١٤ كانون الثاني أو لنقل مهزلة الأحد، يكشف أيضاً ان قادة العملية السياسية وبعد عقد ونصف من التجربة الحكومية مع بعضهم البعض، لا يعرف أحدهم الأخر، ولم يقرأ تفكيره ومنهجه ومواقفه. وذلك يعود الى أن كل طرف منهم لا يملك الرؤية ولا المنهجية ولا الموقف المدروس.
وفضحت مهزلة الأحد، أن تواقيع القادة، تتم بالماء فسرعان ما تتبخر، وأن الكلمة هي حروف مفككة، تتطاير في أي لحظة، ولا يمكن التعامل معها على أنها التزام ومسؤولية.
كانت مهزلة الأحد هي التكثيف الأكثر واقعية لتجربة عقد ونصف من العملية السياسية، فتلك الساعات القليلة تختصر ما حدث طوال هذه السنوات، بكل ما حملته من تردي الخدمات وسرقات وفساد وتدهور أمني وضياع المحافظات وعشرات الآلاف من الشهداء لاستعادتها، وملايين النازحين، وغير ذلك من مآسٍ مروعة عاشها الشعب يوماً بيوم، ووضع في كل يوم قدراً كبيراً من الحزن والتعب والمرض والفقر والجوع في بيته وصدره وعلى وجوه أطفاله.
شعارات كبيرة، تخرج من أفواه شرهة لا تشبع من قوت المواطن الفقير، ووعود ضخمة تطلقها عقول صغيرة، لكنها تتمتع بألسنة لا تستحي، وحين لا يستحي اللسان فانه يكون بارعاً في الأكاذيب.
بعد خمسة عشر عاماً من تجربة الحكم، لا يعرف القادة السياسيون لماذا يتفقون ولماذا يختلفون؟ والأشد مرارة أنهم لا يعرفون كيف يبررون فعلتهم المرة بعد المرة.
هكذا الحال عند الشيعة ومثلهم السنة وعلى شاكلتهم الكرد، من إسلاميين وعلمانيين، لا فرق ابداً بينهم، فلا رؤية ولا مسؤولية ولا تصور للحاضر والمستقبل، إنما المصلحة الذاتية التي تنظر لأقرب مكسب لتلتقطه قبل ان يمد الآخرون أيديهم.
أنت أيها المواطن، تنتظر منهم الخير، سيطول انتظارك من دون طائل. لا فرق بين هذه الكتلة وتلك، كلها متساوية تقريباً. ولن يحدث التغيير ما لم تمتلك ارادتك وتطلق صرختك.
دع عنك الولاءات والانتماءات، فهذا ما يريدونه منك، لكي تبقى تسير نحو المزيد من الفقر والمرض والجوع، ويصعدون هم على أكداس أموالك المسروقة.
منقــول...